.فَصْل في حكم التأمين:
اعْلَمْ وَفَّقَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَجَنَّبَنَا وَإِيَّاكَ وَجَمِيعِِ المُسْلِمِينَ مَا يَكْرَهُهُ وَلا يَرْضَاهُ أَنَّ مَمَّا حَدَثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَانْتَشَرَ فِي الأَرْضِ انْتِشَارَ الْوَبَاءِ الفَتَّاكْ، مَا يُسَمَّى بِالتَّأْمِين عَلَى الحَيَاةِ وَعَلَى الأَمْوَالِ، وَهُوَ عَقْدٌ بَيْنَ طَرَفَيْنِ، أَحَدُهُمَا: مُؤَمِّنٌ، وَالآخَرُ مٌؤَمَّنٌ، يَلْتَزِمُ فِيهِ المُؤْمِنُ أَنْ يُؤَدِّي إِلَى المُؤْمِّن مَبْلَغًا مِنَ المَالِ، أَوْ شَيْئًا مُرَتَّبًا عَنِدَمَا يَحْصُل ضَرَرٌ أَوْ حَادِثْ، وَذَلِكَ فِي مُقَابِلِ قِسْطٌ أَوْ أَيَّةِ دُفْعَةٍ مَاليةٍ أُخْرَى يُؤَدِّيهَا المُؤْمِّنُ إِلَى المُؤَمَّنِ.وَفِي الغَالِبِ أَنَّ الذِي يَقُومُ بِالتَّأْمِينِ شَرِكَاتٌ مُسَاهِمَةٌ كَبِيرَةٌ مٌهِمَّتُهَا التِي مِنْ أَجْلِهَا أُنْشِئَتْ: التَّأْمِينُ عَلَى الحَيِاةِ فِيمَا زَعَمُوا، وَعَلَى الأَمْوَالِ أَيْ ضَمَانِهَا، وَدَفْع ثَمَنَهَا إَذَا تَلَفَتْ، فَانْكَبَّ النَّاسُ عَلَيْهَا انْكِبَابًا عَظِيمًا، وَلَمْ يُفَكِّرُوا وَلَمْ يَفْحَصُوا، وَلِمْ يَسْأَلُوا عَنْ حِلَّهَا وَحُرْمَتِهَا وَضَرَرِِهَا، عَاجِلاً وَآجِلاً.فَأَمَّا التَّأْمِينُ عَلَى الحَيَاةِ فَطَرِيقَتُهُمْ فِيهَا أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ الإِنْسَانُ أَنْ يُؤَمِّنَ عَلَى حَيَاتِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى مَرْكَزِ شَرِكَةِ التَّأْمِينْ وَيُفْهِمُهَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَدْفَعَ مِنَ الأَمْوَالِ كَذِا لِتَضْمَنَ لَهُ حَيَاتَهُ كَذِا مِنَ السِّنِينِ، وَإِذَنْ هِيَ تُحْضِرُ حُكَمَاءَهَا البَارِعِينَ فِيمَا زَعَمَتْ وَيَبْحَثُونَ جِسْمَهُ بِحْثًا دَقِيقًا، ثُمَّ يُعْطُونَ الشَّرِكَةِ رَأْيَهُمْ فِي مَبْلَغِ صِحَّتِهِ عِنْدَهُمْ، وَفِي سَنِّهِ التِي هُوَ فِيهَا إِذْ ذَاكَ، فَإِذَا أَحَاطَ رِجَالُ الشِّرْكَةِ العَامِلُونَ بِمِقْدَارِهِ أَصْدَرُوا أَمْرَهُمْ بِضَمَانِ حَيِاتِهِ عَشْرَ سِنِين، أَوْ عِشْرِين، أَوْ ثَلاثِين، أَوْ أَرْبَعِين، أَوْ خَمْسِين. وَلَيْسَ كُلُّ شَخْصٍ بَلِ المُرَادُ عِنْدَهُم الصَّحِيحُ، أَمَّا المَرِيضِ أَوْ مِنْ يَتَعَاطَى الأَشْيَاءِ التي تَجْلِبُ الأَمْرَاضْ فَيُقَدَّرُ لَهُ عَلَى قَدْرِ حَاله فِيمَا يَرَوْنَ، فَإِذَا انْتَهَى تَسَلَّمُوا أَوَّلَ قِسْطٍ مِنَ الأَقْسَاطِ التِي اتَّفَقُوا عَلَيْهَا مَعَ المُتَعَاقِدْ.وَهَذِهِ الأَقْسَاط مَعَ المُدَّةِ المَعْلُومَةْ تَكُونث مَكْتُوبَةً فِي وَثِيقَةً يَمِضِي عَلَيْهَا مُمَثِّلُ الشِّرْكَةِ وَالمُتَعَاقِدْ، وَبِيَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا نُسْخَةً مِنْهَا، تَكُونُ سَنَدًا لَهُ عَلَى الآخَرِ عِنْدَ اللّزُوم، وَتَلْتَزِمُ الشَّرِكَةُ فِي هَذِهِ الوَثِيقَة: إِنَّ المُتَعَاقِدْ مَعَهَا لَوْ مَاتَ فِي اليوم الذِي حَصَلَ فِيهِ الْعَقْدِ تَدْفَعُ لِوَرِثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، أَوْ لِمَنْ يُعَيِّنَهُ فِي الوَثِيقَةِ- وَإِنَ كَانَ لا يَقْرَبُ لَهُ، وَلا لَهُ بِهِ صِلةْ، وَلَوْ أَنَّهُ خَادِمٌ عِنْدَهُ، أَوْ عِنْدَ غِيْرِهِ- تَدْفَعُ مَبْلَغًا يُوَازِنُ أَوْ يَزْيدُ عَنِ المَبْلَغِ الذِي ذَكِرَ المُتَعَاقِدْ أَنَّهُ يَدْفَعُهُ لِلشَّرِكَةِ فِي المُدَّةِ الْمُتَّفِق عَلَيْهَا، لَكِنْ يَشْتَرِطُ هَؤُلاءِ الْوَضِيعُونْ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ عَادِيَّا، لَيْسَ بِجِنَايَةٍ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَلِهَذَا: الشِّرْكَة لا تَدْفَعُ المَبْلَغَ بِمُجَرَّدِ أَنْ يُقَالُ لَهَا: إِنَّهُ مَاتَ، بَلْ لَهَا أَبْحَاثٌ وَمُنَاقَشَاتٌ تَطُولُ وَتَدُق، يَكْتَشِفُونَ بِهَا كَيْفَ مَات، رُبَّمَا يَنْشَأ عَنْ هَذِهِ الفُحُوصِ سَبُّ المَيِّتِ وَلَعْنَهُ وَأَعْمَاله وَمَا أَرَّثَ وَإِنْ قِيلَ لَهُمْ، أَوْ ظَنُّوا أَنَّ الْمَوْتَ يُرَادُ بِهِ الوُصُولُ إِلَى الْمَبْلَغِ الْمَعْلُومِ، فَانْظُرْ كَيْفَ يَعْمَلُونْ. عَافَانَا اللهُ وَإِيَّاكَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ.وَعِنْدَ هَؤُلاءِ الْوَضعِيّينَ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ بَعْضُ الأَقْسَاطِ ثُمَّ عَجِزِ عَنِ البَاقِي ذَهَبَ عَلَيْهِ كُلُّ الذِي دَفَعَهُ، وِفِيهِ شُرُوطٌ أُخْرَى، مِنْهَا كَوْنُ الشِّرْكَة تَشْتَرِطُ عَلَى نَفْسِهَا أَنْ تَدْفَعَ رِبْحًا خَمْسَةِ فِي الْمِائَةِ فِي حَالِةِ اسْتِمْرَارُ عَقْدِ التَّأْمِين، وَهَذَا عَقْدٌ بَاطِلٌ بِلا شَكْ.وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا تَسْلِيمُ دَرَاهِمُ مُقَسَّطَةٌ فِي دَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْهَا مُؤَجَّلَةً، قًدْ يَتَحَصَّلُ عَلَيْهَا، وَقَدْ تَفُوتُ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ عَجْزِهِ عَنْ بَعْضِ الأَقْسَاطِ، فَحِقِيقَتُهَا شِرَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَهُوَ مَمْنُوع، وَشِرَاءُ دَرَاهِمٍ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ مَنْهَا وَهُوَ مَمْنُوع.وَمِنْ جِهَةٍ فَهِيَ تُشْبِهُ بَيْعَ الآبِقِ الذِي لا يَصِحُّ بَيْعُه، فِي حَالَةِ جَهَالَةِ الحُصُولِ عَلِى العِوَضِ المَشْرُوطِ، وَقَدْ يَفُوتُ عَلَيْهِ مَعَ رَأْسِ مَاله، وِمَعَ مَا فِيهِ مِنَ الرِّبَا.وَبِهَذَا يَتَبَيَّنْ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّأْمِينِ عَلَى الحَيِاةِ هِيَ مِنَ المُعَامَلاتِ الفِاسِدَةْ، وَلِمُشَابَهَتِهَا لِعَقْدِ الْمَيْسِرِ حَقِيقَةٌ وَمَعْنَى، قَالَ تَعَالَى:
{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.اللَّهُمَّ اجْمَعْ قُُلُوبِ المُؤْمِنِينَ عَلِى مَحَبَّتِكَ وَطَاعَتِكَ، وَأَزِلْ عَنْهُمَ مَا حَدَثَ مِنَ المنُكْرَاتِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينََ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.فَصْلٌ: وَأَمَّا التَّأْمِينُ عَلَى الأَمْوَالِ فَأَنَا أُوَضِّحُ لَكَ خَطَرَهُ وَضَرَرَهُ، وَأُمَثِّلُ لَهُ، وَأَذْكُرُ مَا تَيَسَّرِ مِنَ الأَدِلَّةِ عَلِى تَحْرِيمِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إِنْسَانٌ إِلَى شَرِكَةِ التَّأْمِينِ مَثَلاً: عَشْرَةِ آلافِ رِيَالٍ، لِتَأْمِينِ بِضَاعَتِهِ التِي قَيمَتُهَا نِصْفُ مُلْيُونٍ، أَوْ لِتَأْمِين مَكْتَبَتِهِ أَوْ مَطْبَعَتِهِ التِي تُسَاوِي نِصْفَ مَلْيُونٍ مَثَلاً، ثُمَّ تَلِفَتْ، فَالزَّائِدَةُ عَلِى مَا دَفَعَهُ لِلشَّرِكَةِ عَلِى أَيّ وَجْهٍ تُحِلُّ لَهُ، أليس يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جِائِحَةٌ، فَلا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذُ مِنْهُ شِيْئًا، بِمَ يَأْخُذُ أُحَدَكُمْ مَالَ أَخِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ». رَوَاهُ مْسْلِمْ.وَإِذَا سَلِمَتْ الْبِضَاعَةُ الْمُؤَمَّنَةُ، أَوْ الْمَطْبَعَةْ أَوْ الْمَكْتَبَةُ أَوْ الْبَيْتُ، فَبِأَيِّ وَجْهٍ يَحِلُّ لِلشَّرِكَةِ أَكْلَ مَا دَفَعَهُ لَهَا مُقَسِّطًا أَوْ دُفْعَةً وَاحِدَةً، لا هِبَةً وَلا مِيرَاثًا وِلا وِقْفًا، أليس بِدُونِ مُقَابِلْ، أليس اللهُ جَلَّ وَعَلا يَقُولُ: وُهْوَ أَصْدَقُ قَائِلْ:
{وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} مَعَ الحَدِيثِ المُتَقَدِّمْ:
«بِمَ يَأْخُذُ أُحَدَكُمْ مَالَ أَخِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ» أليس هَذَا العَمَلُ فِيهِ مِنَ الغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ مَا لا يَخْفَى.وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي النَّهْي عَنِ الْغَرَرِ، مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ المُنَابَذَةِ، وَهِيَ طَرْحُ الرَّجُل ثَوْبَهُ بِالبَيْعِ إِلَى الرَّجُلْ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبهُ أَوْ يَنْظُرُ إليه.وَنَهَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُلامَسَةِ، وَهِيَ لَمْسَ الرَّجَلِ الثَّوْبَ لا يَنْظُرُ إليه، وَنَهَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.
لَيْسَ الظَّرِيفُ بِكَامِلٍ فِي ظَرْفِهِ ** حَتَّى يَكُونَ عَنِ الحَرَامِ عَفِيفَافَإِذَا تَوَرَّعَ عَنْ مَحَارِمِ رَبِّهِ ** فَهُنَاكَ يُدْىَ فِي الأَنِامِ ظَرِيفَاوَقَالَ:
«لا تَشْتَرُوا السَّمَك فِي المَاءِ فَإِنَّهُ غَرَرٌ» وَنَهَى عَنْ بَيْعِ حَبْلِ الحَبْلَةِ.وَنَهَى عَنْ ضَرْبَةِ الغَائِص، وَهُوَ مَا سَيُخْرِجُهُ الغَائِصُ، وَنَهَى عَنْ شِرَاءِ الصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضُ، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ المَغَانِمِ حَتَّى تُقَسَّم، وَنَهَى عَنْ بَيْعُ المَضَامِينَ، وَهُوَ مَا يَنْتُجُ مِنْ أَصَلابِ فُحُولِ الإِبِلِ الأَصْلِيَّةِ مِنْ نِتَاجٍ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الغَرَرِ وَالجَهَالَةِ.وَقَالَ العُلَمَاءُ: وَلا يَجُوزُ بَيْعُ الآبِقِ وَالشَّارِدِ، وَلا الطَّيْرِ فِي الهَوَاءِ لأَنَّهُ تَرَدَّدَ بَيْنَ الحُصُولِ وَعَدَمِهِ، وَكُلُّ هَذِهِ النَّوَاحِي تَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ التَّأْمِينِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى دَاخِلٌ فِي القَرْضِ الذِي يَجُرُّ نَفْعًا وَمِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى فَهُوَ قِمَارٌ، لأنَّ المُتَقَامِرَيْنِ الأَصليَيْنِ حِينَ المُقَامَرَةِ لا يَدْرِي كُلٌّ مِنْهُمَا لِمَنْ تُكُونَ الغَلَبَةُ، حَتَّى يَكُونُ المَالُ الذِي اتَّفَقَا أَنْ يَدْفَعَهُ الْمَقْمُورُ وَهَكَذَا الحَالُ هُنَا وَمَا يُرَى مِن أَخْذِ الشَّرِكَةِ مَالَ المُتَعَاقِدِ أَوَّلاً لا عِبْرَةً بِهِ، فَقْدَ يَنْقَلِبُ الأمْرُ، وَتَكُونُ هِيَ الدَّافِعَةُ، وَكَمَا أَنَّ المُقُامِرَ يَعْتَمِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حَظِّهِ، وَيَنْتَظِرُ مَا يَنْكَشِفُ مِمَّا غُيِّبَ لَهُ أَوْ لِصَاحِبِهِ، فَكَذَلِكِ الأَمْرُ هُنَا، لا مُرَجِّحَ لأَحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ فِي الأَخْذِ أَوْ الدَّفْعِ، وَمَا تَرِاهُ مِنَ الرُّجْحَانِ فِي جَانِبِ الشَّرِكَةِ قَدْ يَنْقَلِبُ مَرْجُوحًا.وَكَمَا أَنَّ المُشْتَغِلينَ بِاللَّعِبِ بِالقُمَارِ لم يَعْمَلْ أَحَدُهُمَا عَمْلاً يُفِيدُ صَاحِبَهُ أَي فَائِدَةً يَسْتَحِقُّ بِهَا المََبْلَغُ الذِي يَأْخُذُهُ مِنْهُ لَوْ غَلَبَهُ، فَالأمْرُ فِي هَذِهِ الشَّرِكَاتِ وَمَنْ يَتَعَاقَدُ مَعَهَا كَذَلِكَ، وَكَمَا أَنَّ الدَّفْعَ فِي القِمَارِ يَكُونُ مِنْ جَاِنبٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الجَانِبُ المَغْلُوبُ فَالأمرُ هُنَا كَذِلَكَ.وَكَمَا أَنَّ المُشْتَغِلِينَ بِلِعْبِِ القُمَارِ، لَمْ يَعْمَلْ أَحَدُهُمَا عَمَلاً يُفِيدُ مِنْهُمَا، وَبِنَاءٌ عَلَيْهِ يَدْفَعُ المَالَ الْمَشْرُوطَ، فَكَذَلِكَ هُنَا، تَقُولُ الشِّرِكَة لَهُ: إِنْ احْتَرَقَ الْبَيْتُ، أَوْ المُسْتَوْدَعُ، أَوْ الْمَكْتَبَةُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، أَخَذْتُ مِنِي قَيمَتُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَرِقُ، أَسْتَمِرُّ أَنَا آخُذُهَا مَا تَدْفَعُهُ لِي، إِنْ كَانَ مُقَسَّطًا، فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ الضَّمَانِ.وَكَمَا أَنَّ الْمُتَقَامِرِينِ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي وَجَلِ مِنْ ظُهُورِ الغَلَبَةِ فِي جَانِبِ صَاحِبِهِ وَيُسَرُّ كُلَّ السُّرُورِ، وَإِذَا ظَهَرْتَ نَتِيجَةُ اللَّعِبِ فِي نَاحِيَتِهِ كَذَلِكَ الحَالُ هُنَا، فَالشَّرِكَةُ مَا دَامَ هَذَا الْمَغْرُورُ- الذِي هُوَ صَاحِبُهَا – يَدْفَعُ، وَفِي جَانِبِهَا الاطمِئْنَانُ عَلَى الْمَنْزِلِ فِي سُرُورٍ، إِلا أَنَّهَا مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى مَمْلُوءَةً رُعْبًا وَخَوْفًا مِنْ أَنْ يَطْرَأ الطَّارِئُ المَخُوفُ الذِي بِهِ تُصْبِحُ مُكُلَّفَةً بِدَفْعِ الضَّمَانِ، وَالمُتَعَاقِدُ دَائِمًا فِي أَلَمٍ وَهَمٍّ، مِنْ دَفْعِهِ مَا هُوَ مُكَلَّفٌ نَفْسَهُ بِهِ، لأَنَّهُ فِي هَذِهِ الحَالَةِ فِي مَظْهَرِ الْمَغْلُوبِ، لَكِنْ لَوْ حَدَثَ بِالمَنْزِلِ حَرِيقٌ يُفْزِعُهُ لَوْ حَصَلَ وَلا ضَمَانٌ – تَرَاهُ فِي مُنْتَهَى الفَرَحِ وَالسُّرُورِ، لأَنَّهُ فِي اطْمِئْنَانٍ عَلَى قِيمَةِ الْمَنْزِلِ، كَأَنَّهَا فِي جَيْبِهِ، وَعَلَى كُلٍّ فَإِنْ غُلِبَتْ الشَّرِكَةُ فَهِي تَغْلِبُ مَرَّاتٍ لا تُعَدُّ وَلا تُحْصَى، وَأَيْضًا فَالشَّرِكَةُ غَالِبًا تُعَامِلُ بِالرِّبَا، لأنَّهَا تُعْطِي الأَمْوَالَ بِفَوْائِدَ، فَالمَالُ بِاخْتِلاطِهِ بِالأَمْوَالِ الرَّبَوِّيَةِ، وَبِاسْتِعْمَاله فِي الرِّبَا أَصْبَحَ خَبِيثًا مُلَوَّثًا، ثُمَّ بِرَدِ مَبْلَغٍ مِنَ الرِّبَا مِنَ الْمَبْلَغِ الأَصلي، يَزِيدُ خُبْثًا عَلَى خُبْثِهِ، فَيَكُون الدَّافِعُ لِلشَّرِكَةِ- الذِي هُوَ المُؤَمِّنُ- قَدْ أَعَانَ عَلَى فُشُوِّ الرِّبَا، وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ:
{وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، وَيَقُولُ جَلَّ وَعَلا وَتَقَدَّسَ:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ}.
زِيَادَةُ المَالِ مِنْ رِبْحِ البُنُوكِ وِمَا ** ضَاهَى البُنُوكَ مِنَ الأَرْبَاحِ خُسْرَانفَاْحَذْر مَكَاسِبِهَا إِنْ كُنْتَ ذَا وَرِعِ ** فَفِي الحَلالِ لأَهْلِ الدِّين غُنْيَانُآخر:
فَإِيَّاكَ إِيَّاكَ الرِّبَا فَلَدِرْهَمٌ ** أَشَدُّ عِقَابًا مِنْ زِنَاكَ بِنُهَّدِوَتُمْحَقُ أَمْوَال الرِّبَا وَإِنْ نِمْتْ ** وَيَرْبُو قَلِيل المَالِ فِي صِدْقِ مَوْعِدِآخر:
وَقَائِلَةٍ مَا لِي أَرَِاكَ مُجَانِبًا ** أُمُورًا وَفِيهَا لِلتِّجَارَةِ مُرْبَحُفَقُلْتُ لَهَا كُفِي مَلامَكَ وَاسْمِعِي ** فَنَحْنُ أُنَاسٌ بِالسَّلامَةِ نَفْرَحُاللَّهُمَّ ثَبِّت مَحَبَّتَكَ فِي قُلُوبِنَا وَقَوِّهَا وَوَفِّقْنَا لِشُكْرِكَ وَذِكْرِكَ وَارْزُقْنَا التَّأَهُبَّ وَالاسْتِعْدَادَ لِلقَائِكَ وَاجْعَلْ خِتَامَ صَحَائِفِنَا كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينََ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.فصل:وَأَمَّا التَّأْمِينُ عَلَى السَّيَارَاتِ وَحَوَادِثِهَا فَهُوَ أَعْظَمُ خَطَرًا، وَأَكْثَرُ جَهَالَةً مِنْ مَا مَثَّلْنَا فِيهِ أَوَّلاً؛ لأَنَّ السَّيَّارَةَ كَمَا يَأْتِي يَفُوتُ فِيهَا نُفُوسٌ وَأَمْوَالٌ لا تَقَعُ فِي الحُسْبَانِ، وَصِفَةُ التَّأْمِينِ لَهَا: هُوَ أَنْ يَتَّفِق الشَّخْصُ الذي يُرِيدُ التَّأْمِينَ لَهَا مَعَ شَرِكَةِ التَّأْمِينِ، سَوَاء كَانَ كَامِلاً أَوْ ضِدَّ الغِيرِ أو الغَيَارِ، فَيْدَفَعُ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنَ الْمَالِ عَلَى تَأْمِينِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِشُرُوطٍ وَالتِزَامَاتٍ مَعْلُومَةٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَمَهْمَا حَصَلَ عَلَى هَذِهِ السَّيَّارَةِ المُؤَمَّنَةِ مِنْ إِصَابَاتٍ أَوْ أَصَابَتْ غَيْرَهَا، وَغَرِمَ صَاحِبُهَا أَمْوَالاً بِسَبِبِ مَا أَتْلَفَتْ مِنْ نُفُوسٍ وَأَمْوَالٍ، أَوْ تَلِفَ بِهَا فِي خِلالِ هَذِهِ المُدَّةِ المُتَعَاقَدِ عَلَيْهَا، فَإِنَّ شَرِكَةِ التَّأْمِينِ مُلْزَمَةٌ بِضَمَانِهِ، بَالِغًا فِيهَا مَا بَلَغَ فَمَثَلاً لَوْ أَمَّنَ سَيَّارَتَهُ الكَبِيرَةَ بِخَمْسَةِ آلافٍ، وَتَلِفَ فِيهَا مائَةُ نَفْسٍ، وَاحْتَرَقَتْ هِيَ، وَبِهَا نُقُودٌ كَثِيرَةٌ احْتَرَقَتْ مَعَهَا، فَالشَّرِكَةُ مَلْزَمَةٌ بِضَمَانِ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَالزَّائِدُ عَلَى خَمْسَةِ آلافِ مِنَ دِيَّاتٍ وَأَمْوَالٍ مَا المُسَوَّغُ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْخُذَهُ مِنَ الشَّرِكَةِ؟ أليس بِدُونِ مُقَابِلٍ؟ وَقَدْ مَرَّتْ الآيَةُ الكَرِيمَةُ، وَالأَحَادِيثُ الشَّرِيفَةُ فِي الفَصْلٌ الذِي قَبْلَ هَذَا فَنَكْتَفِي بِذَلِكَ عَنِ التِّكْرَارِ وَالإِطَالَةِ وبالتالي فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ أَضْرَارِ التَّأْمِينِ إِلا أَنَّ أَكْثَرَ المُؤْمِنِينَ لِسَيَّارَاتِهِمْ أَدَّى بِهِمْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ تَهَوَّرُوا فِي السُّرْعَةِ فِي السِّيَاقَةِ لِلسَّيَّارَةِ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ الشَّرِكَةَ سَتَقُومُ بِدَفْعِ مَا نَتَجَ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ اقْتَدَى بهم غيرهم في السُّرْعَةِ فَحَصَلَ بِذَلِكَ أَضْرَارٌ عَظِيمَةٌ لا يَعْلَمُ مَدَاهَا إِلا اللهُ جَلَّ وَعَلا فَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ العَلَيِّ العَظِيمِ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
.مَوْعِظَة:
أَيُّهَا الإِخْوَانُ لَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ عَامِكُمْ وَفَاتَ، وَتَقَضَّتْ أَيَّامُهُ وَلَيَاليه وَأَنْتُمْ مُنْهَمِكُونَ فِي اللَّذَاتِ، فَمَا أَسْرَعَ مَا تَضَرَّمَتْ مِنْهُ الأَوْقَاتُ، وَمَا أَكْثَرَ مَا خَطَبَكُمْ لِسَانُ حَاله بِزَوِاجِرِ العِظَاتِ، وَمَا أَطْوَلَ مَا نَادَى بِكُمْ مُنَادِي الشِّتَاتِ.
أَبَنِي أَبِينَا نَحْنُ أَهْلُ مَنَازِلٍ ** أَبَدًا غُرَابُ البَيْنِ فِيهَا يَنْعِقُآخر:
يُسَاقُ بَنِي الدُّنْيَا إِلَى الحَتْفِ عَنْوَةً ** وَلا يَشْعُرُ الْبَاقِي بِحَالَةِ مَنِْ يَمْضِِيكَأَنَّهُمُ الأَنْعَامُ في جَهْلِ بَعْضِهَا ** بِمَا تَمَّ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ عَلَى بَعْضفَطُوبَى لِمَنْ تَدَارَكَ الهَفَوَاتِ، وَبُشْرَى لِمَنْ لازَمَ تَقْوَى اللهِ، وَعَمِلَ بِالبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، وَهَنِيئًَا لِمَنْ أَذْهَبَ السَّيِّئَاتِ بِالحَسَنَاتِ، وَيَا خَيْبِةَ مَنْ شَغَلَتْهُ المَلاهِي وَالمُنْكَرَاتِ عَنْ طَاعَةِ رَفِيعِ الدَّرَجَاتِ، وَمَا أَعْظَمَ خَسَارَةَ مَنْ بَاعَ نَفِيسَ آخِرَتِهِ بِخَسِيسِ دُنْيَاهُ، وَحَسْرَةً لَهُ يَوْمَ:
{يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ} وَتَعْسًا وَجَدْعًا لَهُ:
{يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}.
هُوَ المَوتُ ما مِنْهُ ملاذٌ وَمَهْرَبُ ** مَتَى حُطَّ عَنْ نَعْشِهِ ذَاكَ يَرْكَبُنُشاهدُ ذا عَينَ اليقينَ حَقيقَةً ** عَلَيهِ مضى طِفلٌ وَكهلٌ وَأَشيَبُوَلكن عَلا الرَّانُ القُلُوبَ كَأَنَّنَا ** بِمَا قَدْ عَلِمْنَاهُ يَقِينًا نُكَذِّبُنُؤَمِّلُ آمَالاً وَنَرْجُو نِتَاجَهَا ** وَعَلَّ الرَّدَى مِمّا نُرَجّيهِ أَقْرَبُوَنَبْنِي القُصُورَ المُشْمَخِرَّاتِ في الهَوَى ** وَفِي عِلْمِنَا أَنَّا نَمُوتُ وَتَخْرَبُوَنَسْعَى لِجَمْعِ المَالِ حِلاً وَمَأْثَمًا ** وَبِالرَّغْمِ يَحْوِيهِ البَعِيدُ وَأَقْرَبُنُحَاسَبُ عَنْهُ دَاخِلاً ثُمَّ خَارِجًا ** وَفِيمَا صَرَفْنَاهُ وَمِنْ أَيْنَ يُكْسَبُوَيُسْعَدُ فِيهِ وَارِثٌ مُتَعَفِّفٌ ** تَقِيٌّ وَيَشْقَى فِيهِ آخِرُ يَلْعَبُوَأَوَّلُ مَا تَبْدُو نَدَامَةُ مُجْرِمٍ ** إِذَا اشْتَدَّ فِيهِ الكَرْبُ وَالرُّوحُ تُجْذَبُوَيُشْفِقُ مِنْ وَضْعِ الكِتَابِ وَيَمْتَنِي ** لَوْ أَنْ رُدَّ لِلدُّنْيَا وَهَيْهَاتَ مَطْلَبُوَيَشْهَدُ مِنَّا كُلُّ عُضْوٍ بِفِعْلِهِ ** وَليْسَ عَلَى الجَبَّارِ يَخْفَى المُغَيَّبُإِذَا قِيلَ أَنْتُمْ قَدْ عَلِمتُمْ فَمَا الذي ** عَمِلْتُمْ وَكُلٌّ فِي الكِتَابِ مُرَتَّبُوَمَاذَا كَسَبْتُمْ فِي شَبَابٍ وَصِحَّةٍ ** وَفِي عُمُرٍ أَنْفَاسُكُمْ فِيهِ تُحْسَبُفَيَا لَيْتَ شِعْرِي مَا نَقُولُ وَمَا الذِي ** نُجُيبُ بِهِ وَالأَمْرُ إِذْ ذَاكَ أَصْعَبُإِلَى اللهِ نَشْكُو قَسْوَةً فِي قُلُوبِنَا ** وَفِي كُلِّ يَوْمٍ واعِظُ الْمَوْتِ يَنْدُبُوَلِلَّهِ كَمْ غَادٍ حَبِيبٍ وَرَائِحٍ ** نُشَيِّعُهُ لِلقَبْرِ وَالدَّمْعُ يَسْكُبُأَخٌ أَوْ حَمِيمٍ أَوْ تَقِيٌّ مُهَذَّبٌ ** يُواصِلُ في نُصْحِ العِبَادِ وَيَدْأَبُنَُهِيلُ عَلَيْهِ التُّربَ حَتَّى كَأنَّهُ ** عَدُوٌّ وَفِي الأَحْشَاءِ نَارٌ تَلَهَّبُوَمَا الحَالُ إِلا مِثْلُ مَا قَالَ مَنْ مَضَى ** وَبِالجُمْلَةِ الأَمْثَالُ لِلنَّاسِ تُضْرَبُلِكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ خَلِيلَيْنِ فِرْقَةٌ ** وَلَو بَينَهُمْ قَدْ طَابَ عَيْشٌ وَمَشْرَبُوَمِنْ بَعْدِ ذَا حَشْرٌ وَنَشْرٌ وَمَوْقِفٌ ** وَيَوْمٌ بِهِ يُكْسَى المَذَلَّةَ مُذْنِبُإِذَا فرَّ كُلٌّ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ ** كَذَا الأُمُّ لَمْ تَنْظُرْ إليه وَلا الأَبُوَكَمْ ظَالِمٍ يَدْمِي مِنَ العَضِّ كَفُّهُ ** مَقَالتَهُ يا وَيلَتِي أَيْنَ أَذْهَبُإِذا اِقْتَسَمُوا أَعْمَاله غُرَماؤُهُ ** وَقِيلَ لهُ هَذَا بِمَا كُنْتَ تَكْسِبُوَصُكَّ لَهُ صَكٌّ إِلَى النَّارِ بَعْدَمَا ** يُحَمَّلُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ وَيُعَذَّبُوَكَمْ قَائِلٍ وَاحَسْرَتا لَيْتَ أَنَّنَا ** نُرَدُّ إِلَى الدُّنْيَا نُنِيبُ وَنَرْهَبُفَحُثُّوا مَطَايَا الإِرْتِحَالِ وَشَمِّرُوا ** إِلَى اللهِ وَالدَّارِ التي لَيْسَ تَخْرُبُفَمَا أَقْرَبَ الآتِي وَأَبْعَدَ مَنْ مَضَى ** وَهَذَا غُرابُ البَيْنِ بِالدَّارِ يَنْعُبُوَصَلِّ إلهي ما هَمَا الوَدْقُ أَوْ شَدَا ** عَلَى الأَيكِ سَجَّاعُ الحَمَامِ المُطَرِّبُعَلَى سَيِّدِ السَّادَاتِ وَالآلِ كُلِّهِمْ ** وَأَصْحَابِهِ مَا لاحَ في الأُفُقِ كَوكَبُاللَّهُمَّ ثَبِّتْ وَقَوِّي إِيمَانَنَا بِكَ ومَلائِكَتِكَ وَكُتُبِكَ وَرُسُلِكَ واليوم الآخِر وَالقَدَرِ خَيْرِه وَشَرِّهِ اللَّهُمَّ نَوِّرْ قُلُوبَنَا بِنُورِ الإيمَانِ وَاشْرَحْ صُدُورِنَا وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيعِ المُسْلِمِينََ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.